الكلمة الأبرز في الوثيقة التأسيسية لـ "نقف معًا" منذ عام 2015 هي "الأزمة". تم تخصيص معظم الوثيقة لوصف مظاهر الأزمة العميقة في المجتمع الإسرائيلي - الفقر والاحتلال - وفشل السياسة في الاستجابة لها. الثلث الأخير من الوثيقة التأسيسية ك يشير إلى مسار عمل ويقدم حلاً للأزمة - بناء حراك شعبي وراديكالي وجماهيري. لكن الأزمة هي حدث يستدعي اتخاذ إجراءات متطرفة وفورية، وقد تفاقمت الأزمة في المجتمع الإسرائيلي منذ عام 2015. هذه الحقيقة تطرح مشكلة: الرد المتطرف المطلوب في مواجهة الأزمة المتزايدة في المجتمع الإسرائيلي يمكن أن ينشأ فقط من حراك جماهيري وشعبي، حراك يتطلب بنائه الوقت والصبر. لذلك فإن السؤال الذي يجب طرحه هو: كيف يمكن بناء مثل هذا الحراك الذي سيكون قويًا بما يكفي للاستجابة بفعالية للأزمة التي تواجهنا؟

هذا السؤال الذي يشير إلى الطريقة التي يمكن بها بناء حراك يستجيب بشكل صحيح لواقع الأزمة التي نشأ منها، هو سؤال قديم. بالنظر إلى تاريخ الحركات الاجتماعية بشكل عام والحركات الاشتراكية على وجه الخصوص، من الممكن تحديد توتر استراتيجي معين بين البناء البطيء للسلطة الاجتماعية داخل حالة معينة، والاستعداد لحالة أزمة يكون فيها من الممكن كسب الكثير من القوة بسرعة. يتطلب الحراك الاجتماعي، والحراك الاشتراكية بالتأكيد، بناء مؤسسات ديمقراطية فاعلة، يمكن من خلالها التعبير عن مصالح الجمهور. يستغرق هذا البناء وقتًا، وأحيانًا يتطلب قبولًا مؤقتًا للحال في بعض الأمور التي نناضل ضدها، على سبيل المثال، يحتاج تنظيم عمالي إلى قبول قواعد لعبة الرأسمالية من أجل تحقيق إنجازات تسمح له بالحفاظ على سلطته وتبريرها والثقة التي يضعها العمال فيها. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي هذا القبول المؤقت إلى الاستيعاب الكامل لهذه الحركات داخل النظام الذي ينضالون ضده. وهكذا، على سبيل المثال، تحولت الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في البلدان الأوروبية من قوة تطمح إلى تغيير جذري للنظام الرأسمالي إلى حصن موالٍ داخله. ومع ذلك، فقد تمكنوا من بناء مؤسسات ديمقراطية عاملة، وأن يكونوا أحيانًا أداة فعالة لممارسة سلطة الجمهور.

من الخطأ القول إن الجماعات التي حاولت الاستفادة من الأزمات السياسية والاجتماعية من أجل الحصول على سلطة كبيرة في وقت قصير، لم تحاول عبر التاريخ بناء السلطة والمؤسسات والهياكل الديمقراطية. لكن على عكس الحراكات التي تسعى إلى إحداث تغييرات تدريجية وطويلة الأمد، كانوا يأملون أن يتحول بناء السلطة في النهاية إلى لحظة ثورية دراماتيكية من شأنها أن تؤدي إلى واقع سياسي جديد للخروج من الأزمة. ليس صدفة أن الثورة البلشفية في روسيا هي مثال على هذا النوع من بناء القوة - فقد شارك البلاشفة بالفعل في تنظيم العمال وبناء السلطة في السنوات التي سبقت الثورة، لكنهم كانوا أقل نجاحًا في هذا من المجموعات الأخرى، مثل الثوريون الاشتراكيون. ومع ذلك، فإن الأزمة العميقة التي سقطت فيها روسيا في أعقاب الحرب العالمية وركود النظام القيصري جعلت مواقف البلاشفة المتصلبة شائعة ومنطقية للجماهير، وسرعان ما اكتسبوا الكثير من القوة التي سمحت لهم بالسيطرة على البلاد. على الرغم من نجاح البلاشفة، يجب أن نتذكر أنه حتى الاتجاه نحو استراتيجية "استغلال الأزمة" له مخاطر عميقة - الحراكات التي تعتمد عليها يمكن أن تتحول إلى حراكات للناشطين الأيديولوجيين بحت، لا علاقة لها بالمصالح الحقيقية للناس، وفي الحالات القصوى تصبح منفصلة أو متناقضة. عندما تكتسب الحراكات القوة بهذه الطريقة، غالبًا ما تكون القوة أكثر هشاشة لأن هذه الحراكات تفتقر إلى الأساس البشري الضروري للنشاط المستمر واتخاذ القرارات. هذا التحليل متصل ليس فقط بالثورات ولكن أيضًا بأي شكل من أشكال التراكم السريع للقوة الذي يأتي كنتيجة لأزمة - صعود قوة "سيريزا" في اليونان في أعقاب الأزمة الاقتصادية في عام 2015 هو أيضًا حالة مناسبة هنا إلى حد كبير.

يُصوَّر التوتر الاستراتيجي الموصوف أحيانًا في الخطاب العام على أنه توتر بين "النقاء" و "التطبيق العملي"، أو بين "العمود الفقري" و "العمليات الغادرة". من خلال اختيار الكلمات، من الممكن التعرف على موقف عاطفي معين فيما يتعلق بكل استراتيجية، ومع ذلك، من وجهة نظري، ينطلق كلا الجانبين من مفهوم "الشيء الرئيسي هو التغيير" (العالم)، ويختلفان فقط في مسألة طريقة التغيير. قد يبدو هذا النقاش على أنه نقاش تاريخي نظري، لكننا في الواقع نتعامل معه كجزء من جميع مداولاتنا السياسية تقريبًا على أساس يومي. عندما نحاول تحديد الموقف الذي يجب التعبير عنه كحراك ضد معسكر يسار الوسط، فإننا نعلم أن التعاون معه ودعم مطالبه يمكن أن يقربنا من مراكز قوة معينة على المدى القصير، لكن على المدى الطويل يضعنا في وضع غير موات بين العديد من المؤيدين المحتملين خارج المركز يسار التقليدي، خاصة في أوقات الأزمات.

كل من ينخرط في السياسة مشغول بالتوتر الذي قدمته بدرجات متفاوتة - حتى الحراكات التي لا تطمح لتغيير كبير في الواقع. لكن بالنسبة للحراكات - الاشتراكية وغيرها - التي ترى في تمثيل مصالح الناس جوهر السياسة، يصبح التوتر أكثر حدة. بمرور الوقت، لا يمكننا أن نبقى نشطاء أيديولوجيين ولا شيء غير ذلك - سوف نتدهور ونصبح حلقة قراءة مقصورة على فئة معينة. ليس لدينا خيار سوى أن نكون حراكا يخاطب الجماهير. لن نتخلى بأي حال من الأحوال عن أهدافنا: دولة الرفاه وإنهاء الاحتلال على الأقل، ومن هناك للثورة بإذن الله. سنعيد اكتشاف المكان المناسب للوقوف بين الطرفين على طول الطريق، ولكن بشرط أن يمثل حراكنا الناس حقًا. لقد تم بالفعل إعداد الأرضية الأيديولوجية، حتى لو كانت لا تزال هناك أسئلة صعبة للإجابة على هذه الجبهة. الآن، من أجل أن تحقق "نقف معًا" الهدف الوارد في النص التأسيسي، يجب أن نفهم كيفية تنظيم الأشخاص الذين سيمثلهم الحراك وأيديولوجيته على هذه الأرضية. ستكون هذه مهمتنا على مدى السنوات الثماني المقبلة.

معيان غليلي، طالب في التاريخ والاقتصاد، ناشط في خلية الطلاب في نقف معًا في الجامعة العبرية وعضو في منظومة البودكاست "صرخة توعية".

تحرير: نوعا نوي